الأحد، 24 يونيو 2012

لـ سبب ما - قصة قصيرة


زقزقة العصافير دليل على يوم جديد .. ترتدي ملابسها و مسرِعة الى عملها .. فقد تأخرت .. و لكن ! تعرقلت أثناء اسراعها فانقطع طرف فستانها الأنيق بمسمار خارج عن المألوف بباب منزلها .. و هنا تجهّم وجهها .. و فار دمها فليس هذا وقته .. و لا أي وقت آخر !
رجعت منزلها لتغير ملابسها بنفس السرعة .. و بيدها الهاتف على اتصال مع صديقتها .. فقد تأخرت و فاتتها السيارة المخصصة لتقلها للعمل .. و لكن أخبرتها صديقتها " لا تنزعجي , فكل شيء يحدث لسبب ما "
في الشارع للمرة الثانية .. و لكن هذه المرة مضطرة أن تستقل المواصلات العامة قبل أن تفقد عملها !
الجو حار جداً و البشر يتقاتلون من أجل الوصول لكرسي داخل الحافلة .. و لكنها فازت بالدخول للعربة .. و لكن لم تسعها الفرصة للجلوس .. بل لم تسعها للمرور داخل المكان فالزحام قاتل !
تنظر في ساعة يدها .. و اذا بشخص يمر بجانبها .. ترتبك .. فالمكان لا يحتمل أي حركة .. و اذا بآخر و آخر .. و سيدة تريد النزول .. شعرت بالتوتر يتسرب اليها .. و بعض الحنقة من الوضع المحرج .. بدأت بالمحاولة في الابتعاد قليلاً .. و لكن لا جدوى .. المكان محاط بالكثيرين و لا يوجد من بينهم مُنقِذ ..!
و من بين الزحام يظهر من يشير اليها و هي تتعجّب هل تعرفه ؟ .. لا .. هو مجرد شخص قد شعر بالصراع الداخلي و قرر أن يحل الموقف .. بأن قام من مجلسه و دعاها لتجلس .. و وقف كحائط بينها و بين العالم المحيط .. شعرت و كأنها داخل قلعة محصنة .. و لا يمكن أذيتها بأي حال .. فهي انثى رقيقة مغلفة بالحياء و هو ما لفت ناحيتها الأنظار كما خطفت شيئاً ما بداخله بتلك الرقة التي تحتويها ..  و لا تشبه الكثيرين ..
مع ازدحام السير .. توقفت الحافلة قليلاً .. لتبتعد بنظرها عن ذلك الزحام البشري و ترى لوحة من الرومانسية و الحب الفطري لعصفورين يتهمسان على أحد أسلاك الكهرباء .. أعجبتها تلك الرقة كما ارتسمت على ملامحها ابتسامة خفيفة .. و عندما عادت عيناها الى داخل الحافلة وجدته يبتسم فقد لاح له العصفور كي يراه أيضاً ..
و كان هنا حواراً صامتاً  تماماً كحوار العصفورين .. !

و ظلت الحافلة تتوقف و تتحرك و تتوقف ثانيةً على محطات و في كل محطة تجذبها حركة تأخذها الى عالم بعيداً عن الازدحام و الجو الخانق و ترجع لقواعدها سالمة بمجرد تحرُّك الحافلة .. و في كل مرة تتحدَّث بعينيها معه و يجيبها .. و كأن هناك اتصال غير مرئي .. أو شيء ما غير بشري بينهما ..
و ظلت المحطات تتوافد و لا تشعر بالوقت البطيء .. و قد نسيت أمر عملها الذي يوترها .. الى أن وصلت الأحداث الى المحطة الأخيرة حيث ستُكتب النهاية .. توقفت الحافلة .. و توجه الجميع لباب النزول .. و تقدمت هي و يخلفها هو بابتسامة .. و نزلا .. و لكن هذه المرة لم تكن وحدها .. فقد كانت تتشابك يداها للأبد مع نصف آخر يشبهها .. بدون ميعاد مسبق .. فقد جمعهما سبب ما .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق